logo

اشتهرت المدينة المنورة من فترة مبكرة بالمكتبات سواء التجارية أو غير التجارية من عامة وخاصة. بيد أن مكتبات المدينة الخاصة، وهي مكتبات فردية، حققت شهرة في جميع أنحاء العالم الإسلامي فغدت جزءاً من المشهد الثقافي العلمي في مدينة المصطفى عليه الصلاة والسلام. ولعل أشهر تلك المكتبات «مكتبة شيخ الإسلام عارف حكمت» التي أسسها الشيخ أحمد عارف حكمت في عهد السلطان عبد الحميد عام 1262هـ/1845م وأوقفها. وتقع المكتبة التي تحوي الآف المخطوطات الأصلية والرسائل المخطوطة والكتب المطبوعة النادرة، بجوار المسجد النبوي، وهي في مبنى جميل وعلى مستوى عالٍ من التنظيم يلفت نظر زوارها، وقد تحدث عنها كثير ممن زاورها فكتبوا مبهورين بما شاهدوا.

وإلى جانب مكتبة عارف حكمت تأسست في المدينة مكتبات أخرى هامة منها المكتبة المحمودية التي تعود إلى العصر العثماني وهي عامرة بالمخطوطات ونفائس الكتب. وأصدر خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز-يحفظه الله- في عام 1436هـ/2015م أمراً بإنشاء «مجمع الملك عبد العزيز للمكتبات الوقفية» بالمدينة المنورة لخدمة جميع المخطوطات الموقوفة ونوادر المقتنيات الإسلامية المتوافرة في المدينة المنورة. كما أن من المكتبات الهامة في المدينة مكتبة المسجد النبوي الشريف التي أسستها الحكومة السعودية عام 1352هـ/1933م وتشتمل على 5,363 كتاباً منها المطبوع والمخطوط. وتشكل هذه المكتبة مع المكتبات الأخرى الكثيرة جزءاً مميزاً من تاريخ المدينة يدل بوضوح على الدور الروحي والثقافي العظيم الذي أدته مدينة المصطفى صلى الله عليه وسلم طوال تاريخها. ومما عزز من هذا الدور نشوء مناشط ثقافية مختلفة كالجوائز الثقافية التي تحتضنها المدينة وتقدمها للباحثين في مجالات شتى، ومن تلك الجوائز جائزة المدينة المنورة الخيرية وجائزة الأمير نايف للسنة النبوية والدراسات الإسلامية المعاصرة وجائزة أمين مدني للبحث في تاريخ الجزيرة العربية.

وقد جاء اختيار المدينة المنورة عاصمة للثقافة العربية الإسلامية للعام 2013م (1434هـ) من قبل المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة (الإيسيسكو) تأكيداً للدور الكبير والمكانة الاستثنائية التي تمثلها فى ترسيخ الإسلام ديناً وثقافة ونشرهما، الدور الذي عبر عنه الشاعر السعودي عبد المحسن حليت مسلم بقوله :

أنا المدينة من في الكون يجهلني     ومن تـــراه درى عني وما شغــــلا

تتلمذ المجد طفلاً عند مدرستـــي     حتي تخرج منها عــــالماً رجـــــــلا

فتحت قلبي لخير الخلق قاطبــة     فلم يفارقه يومــــــاً منذ أن دخــــــلا

وصرت سيدة الدنيا به شــرفــاً      واسمي لكل حدود الأرض قد وصلا

أ.د. سعد بن عبدالرحمن البازعي

عضو مجلس الشورى، الأستاذ المتقاعد بجامعة الملك سعود.

روابط ذات صلة