حين تذكرالمدينة المنورة تهل قداستها ومكانها الرفيع على البال، فذلك هو أول ما تستدعيه الذاكرة الإسلامية. غيرأن للمدينة حضوراً آخر يعرفه سكان الجزيرة العربية منذ القدم، وهو منتجها الزراعي المتمثل بالعديد من المحاصيل التي تصدر إلى كافه الأنحاء. وفي مقدمة تلك المحاصيل تأتي تمور المدينة الذي يتذوقه الناس في مقدمة الموسم عذباً سائغاً. وقد اعتمد على زراعة التمور، كما هي زراعة المحاصيل الأخرى، كثير من أهالي المدينة الذين يصدرون محاصيلهم إلى كل مكان وتشكل مصدراً اقتصادياً رئيساً لهم.
ومع أهمية الزراعة تأتي أهمية التجارة في الحياة الاقتصادية للمدينة، وقد عرفت المدينة منذ القدم بأسواق تتوزع في جهاتها الأربع ومنها سوق الجرف أو زبالة، وسوق حباشة، وسوق الصفاصف أو العصبة، وسوق مزاحم. وكانت الجمال في الماضي تأتي محملة بأنواع البضائع وتعود محملة ببضائع أخرى في سوق مزدهر. غير أن ذلك الازدهار ما لبث أن توقف في نهاية العصر العباسي ولفتره طويلة حتى جاء الخط الحديدي الحجازي في أواخر العهد العثماني لينعش النشاط التجاري مرة أخرى. ثم جاء الأزدهار الأكبر في العهد السعودي حين دخلت التجارة والزراعة معاً حقبة جديدة من التطويرالذي أسهمت المواصلات وتزايد أعداد السكان والزوار في دفعه للأمام. واليوم تعج المدينة، ككل مدن المملكة الرئيسية، بالأسواق والمنتجات على اختلافها. فإلى جانب السوق المركزي للتمور الواقع إلى الجنوب الغربي من المسجد النبوي هناك أسواق قباء والمدينة الدولي وسوق بلال. كما ظهرت إلى جانب ذلك مجمعات تجارية ضخمة (مول) على امتداد الخط الدائري الثاني وهي كعادتها تغص بالمتاجر وأنواع الأطعمة والتسلية.
ومع النشاطين التجاري والزراعي، جاء الكثير من الصناعات لدعم الحياة الاقتصادية في المدينة فأنشئت مصانع عديدة في مواقع مختلفة تدعمها الدولة بتوفير الأرض والقروض والتسهيلات الأخرى ومنها إنشاء معاهد وكلية تخرج الفنيين في مختلف المجالات. ومن الصناعات الرئيسة في المدينة المنتجات البلاستيكية والسجاد والمنسوجات المختلفة، وكذلك الأدوات الكهربائية والمواد الكيمياوية ومواد التنظيف. هذا إلى جانب الصناعات الغذائية وأهمها تعليب التمور والحلويات والوجبات المخصصة للحجاج والزائرين مما تحتاجه المنطقة بأعداد كبيرة في مواسم الحج والزيارة. وقد بلغ عدد المصانع المسجلة حتى عام 1433هـ/ 2012م 122 مصنعاً.